الشيخ عبد الله بن إبراهيم السبيعي ( 1342 ه – 1442 ه)
وُلِدَ في عنيزة بمنطقة القصيم عام 1342 هـ ، نشأ في بيتٍ متواضع وأسرة صغيرة، لهُ من الإخوة محمد فقط، ويكبره بإحدى عشرَ عامًا.
والدهُ الذي رحل:
كان والده إبراهيم يعملُ في تجارة محدودة، كان يتنقل بين القصيم ومكة المكرمة والمدينة المنورة والطائف، يجلب التمر من القصيم ليبيعه في تلك المدن، ويبيع السمن البلدي والبَريّ أيضًا، إلا أن ذاكرة الطفل عبدالله لم تحتفظ بكثيرٍ من صور والده، فقد توفي رحمه الله عام 1344هـ في المدينة المنورة، ودُفِنَ بالبقيع.
مصنع الرجال، نورة العماش:
وهي والدته، نورة بنت ناصر العمَّاش رحمها الله، من البدائع، القصيم، وقد ربَّتهُ ورَبَّت أخاه مُحمدًا، فأحسنت أيما إحسان.. قامت الوالدة بدَورين معًا؛ دَورها الأصيل ودور الوالد الفقيد، وقد عَملت في الخياطة والحياكة، لتُنفق ما تتقاضاه من أجرٍ على ما يسد حاجاتهم.
الانتقال إلى المدينة المنورة ثم مكة المكرمة :
كان عمه: ناصر السبيعي، يسكنُ مكة المكرمة، وقد طلب الأم أن تبعثَ معه محمدًا لعله يجد فيها رزقه.. وبعد موافقتها انطلق محمد إلى مكة، وتنقَّل بين عددٍ من الأعمال، ليستقر في وظيفة حكومية في مركز المسيجيد بالمدينة المنورة، عندها بعثَ إلى والدته وأخيه عبدالله ليلحقا به لينتقلوا بعد ذلك إلى مكة المكرمة.
البداية في سوق العمل:
اشتركَ الشيخ عبدالله والشيخ محمد في شتَّى مناحي الحياة، ولأن هذه كانت عادتهم، فقد دَخل محمد مع تاجر اسمه: سليمان بن غنيم، ثم اشتركَ معهما عبدالله، ونَمَت تجارتهم، وأصبح لهم عقارات، كما كان لكل واحدٍ من الأخوين دُكان صغير في مكة، يبيع فيه بضائع يشترونها معًا من جدة، وخاصَّة المشالح والشُمغ، وكانوا يُصدّرون البضائع إلى الرياض.
قصة الثراء:
كان الحُجَّاج والعُمار والزوّار يأتون إلى الحرمين من كافة بقاع الأرض، وكانوا يأتون بعُملات بلدانهم، فأنشأ الشيخ عبدالله واخوه محمد محلًا صغيرًا للصرافة، مساحته ثلاثة أمتار في خمسة أمتار، وكانت هذه المساحة تُمثِّل نشأة وطفولة بنك البلاد! .. ثم بدأ الأخوان بتقليص نشاطهم التجاري في التجزئة ويتوسعان في نشاط الصرافة، إلى أن باعا كل ما لهما في مجال التجزئة، وبقيت الصرافة هي نشاطهما الأقوى، ويليها العقارات.
الخير في حياته:
أخذ الإحسان والخير والمساندة في حياة الشيخ حيّزًا، فمنذ بواكير أيامه كان حريصًا على العطاء الذكي، فمن قبل مأسسة عمله الخيري في صورتها القائمة، كان يتلمَّس مساعدة الفقير بما يُعينه على التخلص من فقرهِ ورفع مستواه المعيشي والمالي بصورة مُستدامة، كان يتكلم مع بعض الفقراء الذين يأتون إليه ليساعدهم ويقترح أن تكون مساعدته لهم في صورة فتح مشروعات صغيرة لتُصبح مصدر دخلٍ لهم، كعرباتِ البيع أو المحالّ الصغيرة وما إلى ذلك.
ولإيمانه بدور النساء وثِقَلِهنّ في تنمية المجتمع فقد عمل على تمكينهنّ وتأهيليهن، ففي إحدى مشروعاته التجارية بدأ بتوظيف حوالي 100 امرأة وذلك بعد تطويرهن وتمكينهنّ وتدريبهنّ، ولعله استوحى ذلك من حياة الجد والكفاح التي كانت عليها والدته في بداية حياتهم.
آمن بأهمية استقرار الشباب ليكون عنصر نجاح في المجتمع، وأنَّ أول خطوات الاستقرار توجيه فِطرته وغريزته بالطريقة المشروعة، فذلك مؤدٍ إلى صرف جُهده وطاقته في مصالحه التي تنفعه وتجعله لَبِنَة بناء في تنمية المجتمع.
ولا زال الشيخ يؤكد على أن تبذل مؤسسته الخيرية التي يرى فيها امتداد أثره الخيّر بعد مماته جُهدها في كل مجالٍ يُمكن أن يخلق فرص تنمية اجتماعية مُستدامة.
الاستقرار في جدة:
سكن الشيخ عبد الله السبيعي في مدينة جدة، وله خمسة أبناء وستُّ بنات، كان يحرص الشيخ على أن يكون معهم ومع أبنائهم أكثر وقته، ويستقبل في ديوانيته عددًا من العُلماء والمثقفين والمُهتمين بالعمل الاجتماعي، كما يستقبل فيها عامَّة زوّاره ومعارفه.
وفاته:
مُتع الشيخ بقوته وصحته وإدراكه، إلى أن ألمّ به عارض صحي قبل وفاته بأسابيع، دخل على إثره المستشفى، وبقي تحت العناية الفائقة، حتى اختاره الله إلى جواره ظهر يوم الخميس 15 / شوال / 1442 هـ الموافق 27 / مايو / 2021 م ، عن 100 عامٍ قضاها في البرِّ والخير والعطاء والإحسان، وإنا لله وإنا إليه راجعون.